نبيل أبوالياسين: الرئيس الأمريكي أدرك بلاده منبوذة فتراجع عن ترشحها لحقوق الإنسان
متابعة : حمدي صابر
لا ينفذ الكلام والتساؤلات لا تنتهي ومستمرين في إظهار الحقيقة للمتلقى، عن الوضع الراهن الذي يعيشه العالم اليوم بأكملة، فنحن أمام قوة الشر التي تدعم جرائم الحرب في الشرق الأوسط والعالم أجمع، وأصبح العالم اليوم نادي للإجرام الدولي، النظام العالمي فيه أصبح فاقد جميع الصلاحيات، والقوانين الدولية قضت عليها الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل، وأصبحنا أمام إستعراض للقوة على الملأ وتهديد سافر لكل من يحاول أن يدافع عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها الإحتلال النازي كل يوم وعلى مدار عام كامل، فضلاًعن؛ جريمة التجويع الممنهجة التي يتعرض لها الفلسطنيين في قطاع غزة.
وعندنا صمت الجميع، وسيطرت غيبة الدول العربية والإسلامية على المشهد شجع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” اليميني المتطرف على التمادي في جرائمة، وتوسيع الصراع في المنطقة بأكملها وأصبح الآن يقصف لبنان وسوريا والعراق، والمجتمع الدول بجميع هيئاتة ومنظماته الآممية يمارسون عجزاً تاريخياً أمام جرائم وبطش هذا الإحتلال الإسرائيلي، ونتساءل؛ هنا لماذا لم تسعَ حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى ولاية ثانية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؟، فلا أحد يفعل ذلك، والتفسير هنا والأكثر ترجيحاً هو أنها تأكدت؛ الخسارة الكاسحة لإنتخابات تنافسية بسبب دعم إدارة”جوبايدن” غير المشروط لإسرائيل في غزة مما جعل أمريكا الآن دولة منبوذه دولياً على المستوىّ الشعبي والسياسي.
ونشاهد جميعاً تصدر الصحف العالمية بعناوينها الرئيسية “إنسحاب الولايات المتحدة من الترشح لفترة أخرىّ في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، وكان من شأن الإقتراع أن يوفر فرصة نادرة لحكومات العالم للتصويت على التواطؤ الأمريكي في جرائم الحرب الإسرائيلية، وما حدث شيء غير عادي هذا الأسبوع في الأمم المتحدة، حيثُ قررت حكومة الولايات المتحدة عدم الترشح لولاية ثانية في مجلس حقوق الإنسان التابع لها، وأخذ إجازة لمدة عام إلزامي بعد أن يخدم البلد فترتين مدتهما ثلاث سنوات، ولكن إدارة “جوبايدن” إختارت الإنحناء جبراً بعد فترة ولاية واحدة، وهذا يعتبر غير عادي للغاية ويتساءل الكثير ماذا حدث؟.
وأجيب عن تساؤلات؛ الكثير من الشعب الأمريكي وشعوب العالم بأكمله لماذا إتخذت الحكومة الأمريكية هذه الخطوة غير العادية بعدم الترشح لولاية ثانية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؟، لأنها كانت تخشىّ بل متأكده؛ بأن التصويت العلني سيفضحها على الملأ في الجمعية العامة للأمم المتحدة على دعمها غير المشروط لإسرائيل ومشاركتها الفعلية في كافة جرائم الحرب والإبادة في قطاع غزة.
حيثُ إجريت الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا في نيويورك إنتخابات مجلس حقوق الإنسان المكون من “47” عضواً في جنيف، وكان من شأن الإقتراع أن يوفر فرصة نادرة لحكومات العالم للتصويت على تواطؤ الولايات المتحدة في جرائم الحرب الإسرائيلية، وكان من المؤكد؛ خسارة الولايات المتحدة، ويبدو أن إدارة “بايدن” قد حسبت أنه من الأفضل الإنسحاب طواعيةً بدلاً من مواجهة إحتمال مثل هذا التنصل المخزي والمهين.
ولفهم هذا الأساس المنطقي يجب على الجميع أن يفهم ديناميات إنتخابات مجلس حقوق الإنسان في الآمم المتحدة، تم إنشاء مجلس حقوق الإنسان في عام 2006 ليحل محل لجنة الأمم المتحدة القديمة لحقوق الإنسان، وأصبحت اللجنة مجموعة من الحكومات أغلبهم سيئي السمعة التي إنضمت إليها، وليس للنهوض بحقوق الإنسان ولكن للأسف لتقويضها، ولقد صوتوا بشكل روتيني لحماية أنفسهم وأمثالهم فقط على حساب المستصعفين والمظلومين.
وتم خداع شعوب العالم لعقود تحت مزاعم حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والديمقراطية، وحرية الصحافة، وغيرها من الشعارات المزيفة، حتى جاء”طوفان الأقصى” ومزق الستار وكشف عن زيف تلك المزاعم، وعرى الولايات المتحدة والدول الغربية على الملأ حتى شاهد العالم بأسره قمع كل ماذكر في عقر دارهم ما دام الآمر يتعلق بجرائم الإحتلال الإسرائيلي فلا حديث عن حقوق الإنسان ولا الإنسانية في حد ذاتها، وفقدت الولايات المتحدة الأمريكية مصداقيتها بالكامل، وتعرضت سمعتها لخطر جسيم بسبب تحالفات واشنطن الوثيقة مع أمثال ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وغيرهم من الدول، الذين قوضوا الإنسانية بشدة بمساعدة “جوبايدن” ودعمه وتحريضه على جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، ومع عدم قدرة “بايدن” على التغيير دستورياً على ما يبدو، فإن الدفاع عن حقوق الإنسان يتعرض لضربة قاسمه.
واليوم يعتبر الشعب الأمريكي وشعوب العالم الغربي في حالة صدمه مألمة عندما تذهب الإدارة الأمريكية من جنيف إلى واشنطن بدلاً من الإنضمام إلى الدفاع عن حقوق الإنسان في وقت شديد الخطورة يمر فيه الشرق الأوسط وأماكن أخرى من العالم، وبدلاً من الإنضمام إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، تقولها: وعلى الملأ إنها لن تترشح مرة أخرىّ للمجلس حتى عام 2028، حقاً إنها هزيمة مدوية ومذله للولايات المتحدة الأمريكية وجميع دول أوروبا الذين كانوا ينساقون وراء السياسات الأمريكية التي خدعت العالم بأكمله لعشرات السنين.
كما إنها تعُد صدمه عارمة للشعب الأمريكي وشعوب العالم الغربي الذين كانوا يتباهون في السابق بأنهم شعوب دول الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة وحقوق الإنسان، وطبقاً للإحصائيات تم إجراءاها من الجهات المعنية والمتخصصة في هذا الشأن، أكدت؛ جميعها بأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل باتوا من الدول المنبوذة والمحتقرة من أغلب شعوب العالم، وطالب الكثير من الشعوب إن لم يكن الجميع بضرورة تشكيل نظام عالمي جديد بعدما أصبح العالم الان يعيش في غابة بلا قوانين دولية ناجزه، ولا نظام عالمي صالح للإستخدام، وأمريكا وربيبتها فرضوا سطوتهم على العالم ويتم الآن إبادة وتجويع الشعوب على الملأ دون محاسبة ولا مراقبة.
وخرج الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بتصريح أثار إهتمام واسع النطاق على مستوى جميع دول العالم، والذي أعلن فيه عن ضرورة تشكيل نظام عالمي جديد يعكس تنوع الكوكب كعملية طبيعية لارجعة فيها، وجاء ذلك خلال كلمتةُ التي ألقاها في المنتدىّ الدولي الذي حمل عنوان”العلاقة بين الأزمنة والحضارات” بـ”تركمانستان”، وأكد؛ في كلمتة أن العالم الآن دخل عصر التغييرات الجذرية، ولابد من التواكب مع هذه التطورات في إشارةً؛ منه بأن النظام العالمي فقد مصداقيتةُ وأصبح فاقد الصلاحيات بسبب إستباحة الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية كافة القوانين الدولية،
والكيان الصهيوني لا يلتزم عمداً بأي إطار قانوني أو إنساني دولي، وأصبح الوضع في الشرق الأوسط والعالم متأزم بشكل كبير.
وفي نفس السياق؛ لقد فازت دولة قطر بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للفترة 2025-2027، بدعم 167 دولة، في الإنتخابات التي عقدت منذ عدة أيام بمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ونحن والكثير أعربنا عن فخرنا كعرب بهذا الفوز القطري الساحق، لأنه يمثل إنجازاً تاريخياً يعكس التقدير الدولي لإلتزام دولة قطر الشقيقة الراسخ بحماية وتعزيز حقوق الإنسان على المستويين الوطني العربي والدولي، ومن وجهة نظرنا أن هذا الفوز يعتبر تتويجاً للجهود المتواصلة التي تبذلها “قطر” لتعزيز قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، كما يعكس الثقة في دورها البنّاء في مجلس حقوق الإنسان.
وجرت الإنتخابات بالإقتراع السري في الجمعية العامة للأمم المتحدة من “193”دولة بنيويورك، ويتكون مجلس حقوق الإنسان ومقره في جنيف من”47″ دولة، ويتم توزيع مقاعد المجلس بين 5 مجموعات إقليمية هي المجموعة الأفريقية “13 دولة”، ومجموعة آسيا والمحيط الهادئ “13”دولة، ومجموعة أوروبا الشرقية “6” دول، ومجموعة أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي”8″دول، ومجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى “7” دول، وتستمر فترة ولاية أعضاء المجلس 3 أعوام، ولا تجوز إعادة إنتخابهم مباشرةً بعد شغل ولايتين متتاليتين، وسيبدأ الأعضاء الجدد المنتخبون في المجلس بممارسة مهامهم إعتباراً من الأول من يناير 2025.