100 يوم من العدوان الإسرائيلى .. ملائكة فى أوكرانيا وشياطين فى غزة
ميزان مُختل وعدالة بعين واحدة؛ كأن الضحايا فى أوكرانيا بشر وفى غزة «حيوانات» على ما وصفهم وزير الدفاع الصهيونى، هكذا يمكن تلخيص ازدواجية الغرب فى التعامل مع حربين مُتشابهتين، فبينما يُدينون روسيا ويُقرون عقوبات متشددة عليها، يُحابون إسرائيل ويصمتون على إجرامها الوقح.
حرب إسرائيل على غزة فضحت ازدواجية المعايير الغربية، بالنظر إلى ما تبنته أوروبا والولايات المتحدة من مواقف داعمة لأوكرانيا، واعترفت مجلة لوموند دبلوماتيك الفرنسية بالازدواجية الواضحة، فقالت فى تقرير إنه من حيث القانون الدولى لا لبس فى أن احتلال روسيا لأوكرانيا غير قانونى، مثلما حال الاحتلال الإسرائيلى، وأدانت الأمم المتحدة كليهما مرارا، وكان ينبغى أن يثير كلاهما اللوم نفسه من الغرب، انطلاقا من فرضية أنه يُدافع عن القيم ونظام مبنى على قواعد مُجردة، لكن هذا لم يحدث.
وكان اختلاف تعامل الغرب مع أوكرانيا وغزة هائلا، وفى جوانب عدة، فبحسب المجلة فتحت أوروبا أبوابها لملايين النازحين الأوكران منذ بداية الحرب، وأبدت قدرا من الضيافة صدم لاجئى العراق وسوريا وأفغانستان، وكتب أحد المعلقين البريطانيين: «إن الأوكرانيين يشبهوننا، يشاهدون نتفليكس ولديهم حسابات على إنستجرام، ويصوتون فى انتخابات حرة ويقرأون صحفا لا تخضع لرقابة»، بينما لم يكن هناك ترحيب بالغزيين أو اهتمام بمعاناتهم.
وردت واشنطن وبروكسل على الغزو الروسى بفرض عقوبات صارمة ضد موسكو، شملت حظرا على استيراد النفط وقيودا على التجارة وتجميد أصول لرجال الأعمال، بجانب دعوات مقاطعة استهدفت رياضيين وموسيقيين وفنانين وكتابا، وإلغاء معارض وحفلات، لكن لم يكن هناك أى من ذلك بحق إسرائيل، فى المقابل، فإن حركة مقاطعة إسرائيل التى تأسست عام 2005، دعت دون جدوى لإجراءات انتقامية ضد تل أبيب. فوصفت بأنها معاداة للسامية، وتم تهميشها فى ألمانيا وحظرها فى 30 ولاية أمريكية، وفى فرنسا، واجهت الحركة طعونا قانونية وأصبح محظورا ترويجها بكندا.
قائمة الازدواجية طويلة، بحسب لوموند، فبينما قدم الغرب أسلحة لأوكرانيا كضحية، باع أسلحته لإسرائيل المعتدية، وبينما وصف بايدن قصف مستشفى ماريوبول بالإساءة للعالم، زار إسرائيل راقصا على جثث المقتولين فى قصفها لمستشفى المعمدانى بغزة، وأدان الرئيس الأمريكى «مجزرة بوتشا» باعتبارها إبادة جماعية لكنه رفض الدعوة لوقف إطلاق النار فى غزة، رغم سقوط أكثر من 23 ألف شهيد خلال 3 أشهر فقط.
حتى حسابات القتلى كانت مختلفة، فبينما يقارن المعلقون الغربيون 1200 إسرائيلى قُتلوا فى 7 أكتوبر بنسبتهم لعدد سكان إسرائيل البالغ 8 ملايين نسمة، ويقولون إنهم بالتناسب يوازون 45 ألفا من الأمريكيين أى 20 ضعف ضحايا 11 سبتمبر، يتجاهلون أن غزة فقدت 1% من سكانها بما يوازى 2.8 مليون بالنسبة لتعداد أمريكا.
منظمة العفو الدولية انتقدت ازدواجية الغرب، وأشار الأمين العام للمجموعة إلى أن الدول الداعمة لأوكرانيا بكل قوتها لا تدعم غزة أمام القصف الإسرائيلى، منتقدا أن الكتلة الغربية تطالب الجميع بالاندفاع دعما لأوكرانيا لتعرضها لعدوان من روسيا، ثم تطلب فى الوقت نفسه ألا يتحرك أحد بشأن القصف المتعدد والمعاناة المطلقة لشعب غزة.