همسه الصباح وهى بعنوان المجنون والتمر
بقلم الدكتور : فتوح منصور:
♦️حضر مجنون إلى مجلس إمام المسجد وكان عنده ضيوف , فأحضر الإمام تمراً, وطلب من المجنون أن يقسمه بين الحضور , فقال المجنون لإمام المسجد : أأقسمه كقسمةِ الناسِ أم كقسمةِ الله ؟!
♦️فقال له الإمام : اقسمه كقسمةِ الناسِ.
فأخذ المجنون طبق التمر, وأعطى كل واحدٍ من الحضور ثلاث تمرات, ووضع بقية الطبق أمام الإمام.
♦️عندها قال الإمام: أقسمه كقسمة الله !
فجمع المجنون التمر , وأعطى الأول تمرة, والثاني حفنة , والثالث لا شئ , والرابع ملأ حجره !
♦️فضحك الحاضرون طويلاً ..
لقد أراد المجنون أن يقول لهم إن لله حكمة في كل شئ , وإن أجمل مافي الحياة التفاوت , لو أُعطي الناس كلهم المال لم يعد له قيمة …
ولو أُعطي كلهم الصحة ما كان للصحة قيمة ..
ولو أعطي كلهم العلم ما كان للعلم قيمة.. سرّ الحياة أن يُكمل الناس بعضهم , وأن لله حكمة لا ندركها بعقلنا القاصر , فحين يعطي الله المال له حكمة , وحين يمسكه له حكمة , وأنه ليس علينا أن نشتكي الله كما نشتكي موزع التمر إذا حرمنا !! لأن الله سبحانه وتعالى إذا أعطانا فقد أعطانا ماهو له , وإذا حرمنا فقد حرمنا مما ليس لنا أساساً !
♦️ولو نظرنا إلى الحياة لوجدناها غير متساوية , لهذا نعتقد أن فيها إجحافاً, ولكن هنالك مبدأ أسمى من المساواة , هو العدل , والله عادل , لهذا وزع بالعدل لا بالمساواة , لأن المساواة تحمل في طياتها إجحافاً أحياناً, ومن أُعطي المال نحن لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل , ولنكن على يقين أن الله لو كشف لنا حُجب الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره سبحانه لنا , ولكننا ننظر إلى الدنيا كأنها كل شئ , وأنها المحطة الأخيرة لنيل النصيب والرزق , هناك آخرة , ستأتي لامحالة , وسنرى كيف تتحقق العدالة المطلقة , وأن العطاء الحقيقي هناك , والحرمان الحقيقي هناك.
♦️العبره. المال لم يكن يوماً معياراً لحب الله للعبد, فقد أعطى المال والملك لمن أبغضهم وأحبهم , ولكنه لم يعطِ الهداية إلا لمن أحبّ, ولو كان المال دليلاً على محبة الله للناس لما ملك النمرود الأرض من مشارقها إلى مغاربها , ولما مضت الأشهر ولا يوقد في بيت النبيّ ( صلى الله عليه واله وسلم ) نار لطعام !!
والعبره أيضا ان الأشياء التي لا تصلك وأنت تحتاجها بشدة ، هي أشياء قدر الله عز وجل لها التأجيل ؛ لتأتيك في وقتها المُناسب .فارضى بما قسم الله لك تكن اسعد الناس واسعد الله ايامكم وصبحكم الله بكل خير